الرئيسية » Network » شبكات المستقبل VLC

شبكات المستقبل VLC

معظم الأشياء قد تتعدد استخداماتها إلى جانب الغاية الأساسية من تصنيعها، فمثلاً الهاتف الجوال صنع أساساً لغرض الاتصال وأيضاً لتشغيل الملتيميديا والتطبيقات كاستعمال ثانوي , وكذلك الكمبيوتر له عدة استخدامات وغيرها من الأجهزة. ولكن ما هي الاستعمالات الثانوية لأجهزة الإضاءة ؟ وهل فكرت يوماً أن تقوم بتحميل هذه المجلة عن طريق الإنارة التي في الغرفة ؟

الباحثون والعلماء وكالعادة يحاولون استنزاف الأشياء واستخلاص كل طاقتها الممكنة، لذلك فكّروا في الاستفادة من الإضاءة وكيفية استغلالها أشد استغلال والنتيجة كانت تقنية تجري عليها الأبحاث حالياً لتطويرها من قبل العلماء , وبالأخص في معهد فراونهوفر هاينريش هيرتز وبالتعاون مع مختبرات خاصة بشركات عالمية رائدة في مجال الإلكترونيات مثل شركة سيمينز و فرانس تيليكوم أورانج. هذه التكنولوجيا ستغير مفهوم العالم للاتصال , وتُعرف بمصطلح الـ VLC.

الـ VLC) Visible Light Communication) أو الاتصال عبر الضوء المرئي , وتعريفها ببساطة هي تقنية تسمح للأشخاص بالاستفادة من أجهزة الإنارة -إلى جانب إضاءتها- لنقل البيانات عبرها والدخول إلى الانترنت باستعمال الضوء العادي القادم من تلك الأجهزة فقط.

يقول البروفسور ناكاغاوا الذي يرأس الكونسرسيوم الصناعي الياباني للاتصالات عن الضوء المرئي “إن الضوء مستخدم يومياً بالفعل منذ زمن طويل من قِبَل ملايين الأشخاص لنقل المعلومات , وعلى سبيل المثال عندما يستخدم مشاهد تلفزيوني جهاز التحكم عن بعد الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء لتغيير القنوات إلّا أنّ هذه الوسيلة لنقل البيانات باستخدام ضوء الأشعة تحت الحمراء يقع خارج مجال رؤية العين البشرية”.

 

الفكرة واضحة ولا تحتوي أي تعقيد وهي نقل البيانات باستخدام موجات الضوء الذي تردده يتراوح بين 400 و800 تيراهيرتز. ولتوليد ضوء بهذا التردد نستطيع استخدام مصابيح الفلوريسنت العادية حيث وصلت سرعة نقل البيانات بواسطتها إلى 10 كيلوبت في الثانية أو باستخدام مصابيح الـ LED بسرعة نقل وصلت إلى 500 ميكابت في الثانية ولمسافة قليلة جداً لا تتعدى الـ 5 أمتار فقط ! لكن في مايو الماضي، تمكن الباحثون من إضاءة غرفة مساحتها أكثر من 10 متر مربع، وفي الوقت نفسه من نقل بيانات ولكن بسرعة لم تتعدى الـ 100 ميكابت في الثانية من دون أية مشكلة أو عرقلة في عملية الإرسال أو الاستقبال. وهذا يعني أنّه من الممكن تشغيل أربعة أفلام فيديو بوضوح على أربعة كمبيوترات في الوقت ذاته، وذلك طبقاً لما قاله أحد الباحثين بالمعهد. أيضا بدأت هذه التقنية بمجاراة الايثرنت ، حيث أمكن إرسال بيانات بسرعة 10 ميكابت في الثانية ولمسافة 1 إلى 2 كيلومتر وذلك باستعمال مصابيح LED بطاقة عالية وذات إضاءة نافذة. ومؤخراً حدثت النقلة النوعية عندما نجح باحثو المعهد المذكور في نقل بيانات بسرعة تصل إلى 800 ميكابت في الثانية بواسطة أضواء مصابيح LED ذات ألوان مختلفة من أحمر وأزرق وأخضر وأبيض داخل المختبر.

استعمال الـ LED وتفضيلها جاء بسبب أنّ هذه المصابيح تعتبر ذات إضاءة عالية تنتشر إلى مسافات بعيدة , لذلك فهي تستخدم في حالة الضباب والإنذار في سيارات الشرطة والإسعاف لكونها صغيرة الحجم ومتنوعة الأشكال إضافة إلى أنّها موفِّرة للطاقة وطويلة العمر وصديقة للبيئة. ومؤخراً نجح مهندسفي شركة كاسيو في أن يلتقط بكاميرا خاصة من الأرض إشارة منبعثة من مصباح وضع على قمة برج طوكيو التي تبعد 250 مترا عن مكانه.


كيف تعمل هذه التقنية ؟

تقوم هذه التقنية على أساس تضمين (Modulation) الإشارة المرسلة مع انبعاث الضوء , أي أنّها تضمن موجات داخل موجات , وفكرتها هي أنّ هذه الإضاءة تغلق وتفتح بتردد عالي يقدّر بآلاف المرات , وبسرعة عالية جداً والتي لا تستطيع العين البشرية ملاحظتها وتمييزها وتعتبرها مضيئة دائماً، حيث يكون عملية إرسال المعلومة عن طريق هذا الإغلاق والفتح لتمثيل الصفر والواحد في لغة الكمبيوتر وهو نوع من الـ Modulation يسمى OOK On/Off Keying. قد يسأل البعض وكيف نستقبل الإشارة إذا أطفأنا الإنارة؟

الجواب هو : إنّ هذه التقنية تعمل حتى ولو كانت الإنارة مطفئة وستقوم بالتوصيل، حيث أنّ الإنارة هنا سيتم تحويرها لكي تبقى هناك ومضات غير محسوسة هي التي تقوم بعملية النقل. حيث أنّ تغذيتها بتيار ضعيف يمكن أن تسمح لها بإصدار الفوتونات التي تقوم بالنقل. أمّا الخيار البديل فيمكن أن يكون تصميم دايودات باعثة للضوء تتضمن مصادر ضوئية تبث بترددات غير مرئية لتحقيق هذه الوظيفة حين إطفاء أنوار الغرفة.

أمّا طريقة استقبالها فهي تحتاج إلى جهاز مستقبل خاص يكون أشبه بالمودم يقوم باستقبال هذه الومضات ونقلها إلى دائرة إلكترونية لتحويلها إلى إشارات مفهومة. من أهم مكوناته ببساطة هو متحسس ضوئي Photodetector , وهو عبارة عن قطعة إلكترونية تقوم بتحويل الضوء الساقط إلى فولتية أو تيار. وهي على عدة أنواع , مثل : الدايود الضوئي Photodiodes، الترانسستر الضوئي Phototransistors، أو المقاومة الضوئية Photoresistors.

ومن أهم الأشياء إنّه يمكن استعمال الـ LED نفسه للإرسال والاستقبال , حيث يمكنه استقبال أطوال موجية محددة وبحساسية قليلة لبعض الألوان وحسب الطول الموجي لكل منها , ولكن يعتبر هذا مقبولاً مقارنة مع المكونات المصنوعة خصيصاً كمستقبلات للضوء. فمثلاً يمكن للـ LED الأخضر التحسس بالضوء الأزرق والأخضر ولا يمكنه التحسس للأصفر والأحمر، وهذا يعتمد على لون الـ LED ليمكن استعماله كمرسل ومستقبل وبأزمان مختلفة.

وهنا مثال لدائرة إلكترونية  تمثل الـ Access point والصورة التالية تمثل جهاز End user.

 

 

كما يمكن لكاميرا الهاتف النقال أو الكاميرا الديجيتال التقاط وتحسس هذه الإشارات , حيث تتكون هذه الكاميرات من مصفوفة من المتحسسات الضوئية على عدد البكسلات وكل منها يستطيع استقبال الضوء المسلط عليها وذلك بدعم تطبيق برمجي يتم تثبيته لترجمة هذه الإشارات وهو بمثابة تحوير لعمل الكاميرا. وبفضل وجود أكثر من متحسس بدلاً من واحد نستطيع استقبال الإشارة على عدة قنوات اتصال , حيث تُمَثّل كل قناة بمتحسس والذي بدوره يمثل بالبكسلات الخاصة بالكاميرا.

ومن الحلول لنظام الإرسال والاستقبال في هذه التقنية بشكل عام في الاتصال الـ Full Duplex، اقترح الباحثون أن يكون إحدى هذه الطرق :

  • ممكن أن يكون الاستقبال بطول موجي معيّن مثل الضوء العادي والإرسال بطول موجي آخر مثل أشعة الـ IrDA.
  • أيضاً ممكن عزل الإرسال والاستقبال عن طريق الوقت , أي أنّ الإرسال يكون بفترة زمنية معيّنة وبعدها يكون الاستلام بفترة زمنية معيّنة أيضاً, كما يمكن نقل الإشارات بتقنية TDM المستخدمة في الاتصالات عن طريق تقسيم الزمن .
  • من الاقتراحات الأخرى هو استخدام موجات الراديو في الإرسال وخاصة في الانترنت , حيث يكون بكميات قليلة وبذلك استطعنا الاستفادة من مميزات كل تقنية .
  • وأخيراً هناك بعض الأجهزة مصممة للخدمات أو التطبيقات التي لا تحتاج إلى إرسال بيانات كما في الراديو والتلفزيون , لهذا فلا داعي لوجود دائرة إرسال أصلاً.

 

كيف يمكننا الاستفادة منها ؟

يمكننا استغلال هذه التقنية وتطبيقها في عدة مجالات و أهمها هو الدخول إلى الانترنت والتي تعتبر الغرض الأساسي و كذلك التنقل بين أجهزة الشبكة، لذلك تتنوع استعمالاتها بين الشبكات وبين مجال الاتصال بشكل عام ومن هذه الاستخدامات :

  • تعتبر حل مناسب في الأماكن التي تزدحم فيها إشارات أجهزة الواي فاي والأجهزة التي تستعمل الموجات الراديوية , حيث تكون أكثر عرضة للضوضاء والتداخل فيما بينها , فعلى سبيل المثال : تزويد الانترنت في الطائرات وذلك لتجنب التشويش على أجهزة الاتصال فيها، فقريباً جداً سيكون بمقدور الركاب استخدام شبكة الإنترنت على أجهزتهم الخاصة أثناء السفر، في الوقت نفسه سيوفر لمصنعي الطائرات مبالغ طائلة يتم إنفاقها في إنشاء كيلومترات من الكابلات .
  • تستعمل في الأماكن الخاصة والسرية والتي تحتاج إلى تأمين الدخول إلى الشبكة كون البث لا يتعدى الجدران إلى باقي أجزاء المبنى كما في باقي التقنيات وينحصر في الغرفة التي تحتوي الأجهزة فقط .
  • يمكن أن تكون البديل الأمثل للشبكات التي تستعمل الموجات الراديوية المضرة وخصوصاً التي تبث بقدرات عالية , حيث تعتبر الـ VLC غير مضرة للصحة ولا تشكل أي خطورة .
  • كذلك يستعمل في الأماكن التي يكون فيها البث بالموجات الراديوية ممنوعاً ويحتاج إلى ترخيص كما في المواقع العسكرية .
  • أيضاً يمكن استعمالها لإيصال الربط بين أجهزة الـ GPS داخل البنايات والأقمار الصناعية وحيث إن اتصال الـ GPS يتطلب وجود فضاء مفتوح للاتصال بالأقمار الصناعية، وبذلك ساهمت في حل بسيط لهذه المشكلة.
  • يمكن استخدامها داخل المصانع،   ففي كثير من الأحيان تؤثر الشبكات الراديوية اللّاسلكية سلباً على كفاءة وفاعلية الأجهزة وبالتالي على عجلة الإنتاج .
  • يمكن استخدامها في المستشفيات على سبيل المثال، حيث يمكن توظيف جزء من قدرة مصابيح غرفة العمليات في توجيه روبوت داخل غرفة العمليات أو تشغيل أجهزة الغرفة أو جهاز أشعة الإكس راي .
  • من ناحية الاتصال يمكن الربط عن طريقها بين جهاز وآخر، حيث يمكننا عمل شبكة بين هاتفين أو لربطها مع الكمبيوتر، إضافة إلى ذلك في شهر يوليو من هذا العام 2011 وبالتحديد في مؤتمر TED العالمي تم أيضاً تقديم أول تجربة نقل فيديو بنقاوة HD وعرضه على التلفزيون باستخدام تقنية الـ VLC , ويمكن تطبيق غيرها من الأمثلة على ذلك .
  • يمكن استعمالها للاتصال بين الغواصين بسبب صعوبة إمكانية الاتصال بواسطة الإشارات الراديوية تحت الماء , وأيضاً لإعطاء بعض المعلومات عن البضائع في الأسواق , وكذلك في تبادل المعلومات بين الإشارات المرورية ولوحات الإرشاد و التحذيرات بشأن الاختناقات المرورية أو الحوادث بين السيارات في الشوارع .

 

ماذا يميزها عن غيرها من التقنيات ؟

  • أكثر أمان من الشبكات اللّاسلكية الأخرى .
  • يمكن زيادة مدى الاتصال بزيادة قوة الإضاءة من دون خطورة على العينين وهذا الأمر مستحيل مع الأشعة تحت الحمراء .
  • تكلفتها المنخفضة .
  • سهولة انتشار شبكتها حيث يمكن أن تتواجد أينما وجدت الإنارة .
  • تعتبر صديقة للبيئة .
  • استهلاكها القليل للطاقة .

 

ما هي الأشياء التي تنقصها ؟                        

  • حزمة البث تكون موجّهة وتنتشر في مساحة محددة , لذلك يحتاج إلى أكثر من نقطة بث لتغطية المبنى .
  • ضرورة أن يكون المجال مفتوحاً بين نقطة الإرسال والاستقبال، فعلياً يمكننا استقبال الإشارة عند قطع الفراغ بينهما نظراً لانعكاس الضوء وانكساره , ولكن يتوقف الاتصال عندما يتم تغطية المجال بين النقطتين بشكل تام .
  • يحتاج الجهاز المستقبل إلى إضافة قطعة إلكترونية تمكّنه من إرسال واستقبال وفهم هذه الإشارات .

 

بقي أن أضيف بأنّ هذه التقنية يجري العمل عليها حالياً بشكل أساسي لتحسين سرعتها , ويتوقع أن يكون لها قبول وشعبية في المستقبل القريب، وكما يقول “هارالد هاس” أبرز الباحثين في هذا المجال والذي يعمل كأستاذ في معهد الاتصالات الرقمية في جامعة ادنبره في اسكتلنده  ” إنّ الاتصالات عبر الضوء المرئي ستؤدي إلى ارتباط  أوثق بين البشر والآلات”. وبهذا فهي ليست الأفضل في الوقت الحالي ولن تكون البديل لباقي الشبكات , ولكن حسب رأيي ستكون حل لبعض نقاط الضعف لتقنيات الشبكات الأخرى وإضافة جيدة لها. وكما قلت هذه التقنية هي الآن تحت الأبحاث والتجارب ومن المؤمّل أن تطبق تجارياً بشكل تجريبي في عام 2012 إن شاء الله.

Print Friendly, PDF & Email

عن فادي الطه

مهندس كمبيوتر ومعلوماتية وطالب ماجستير في تخصص شبكات الكمبيوتر..

10 تعليقات

  1. بارك الله فيك معلومة مرة حلوة

  2. بجد جامدة بس لو اشتغلت

  3. بارك الله فيك
    معلومات روعة ومفيدة جدا

  4. الله الله بارك الله فيك معلومه مهمه ممتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــازجدآ تستاهل *****

  5. موضوع أكثر من رائع، معلومات جد قيمة
    واصل لاتحرمنا من روعة قلمك
    جزاك الله خيرا

  6. المهندس رواد نضال الشعراني

    يا سلام على هيك شبكات
    ياريت تنتشر باسرع وقت ممكن

    شكرا الك مهندس ايمن على هالموضوع

  7. بارك الله فيكم وفي مدونتكم اللتي استفدت منها

  8. vraiment c’est une technologie .merci pour l’information

  9. شاهدت روبرتاج على قناة يورونيوز حول هذة التقنية في برنامج HI-TECH لكن العيب فيها هو ان جهاز الكمبيوتر او اي جهاز يتلقى الاشارة يجب ان يكون ثابتا في مكانه لانها في الحقيقة تشبه تقنية InfraRed التي تعتمد على Led.

أضف رد على Ayoub إلغاء الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

VPNمجاني باستخدام برنامج الـ Team Viewer

أصبح برنامج team Viewer عصب عمل أغلب مهندسي الكمبيوتر وأصبح الاعتماد عليه كبير في عمليات ...

هل لدي Loop في الشبكة ؟

اليوم قصدت أحد الشركات التى أتصلت بي بسبب مشكلة في أجهزة الشركة جميعها وهي تقريبا ...

الجيل الخامس من تقنية البلوتوث Bluetooth 5.0

تعتبر الـ IoT أو الـ Internet of Things أحد التراندات العالمية والتى سوف تشهد طلب ...